الثلاثاء، 2 فبراير 2010

كيف نعرض الإسلام..؟!


إن الدين الذي يكون مصدره الشارع الحكيم هو دين كامل في جميع دقائقه ، إذ يكفي القول أنه دين إلهي ، وهذا ما يدعونا إلى أمرين:-
1- أن لا نخجل من عرض أي تشريع اسلامي.
2- أن نعرف كيف نعرض التشريع الإسلامي.

إن الربط بين هذين الأمرين يحتاج إيمان وعلم ، فمن جانب أن عدم الخجل من عرض ما يتعلق بالدين يحتاج من الشخص إيمان عالي وثقة عمياء بدينه الإسلامي ذو المصدر الإلهي وأن كل ما فيه حق مطلق وأن صلاحيته لكل زمان ومكان وبالتالي لا يوجد عندنا ما نخفيه ، ومن جانب آخر فإن الشخص يجب أن يكون عنده علم يلم فيه مقاصد الإسلام التي أتى التشريع لتحقيقها، وبالتالي معرفة كيفية عرضها وبيان حكمتها ، فلا بد لمن يتحدث عن الجهاد -مثلا- أن يعرف مقاصد الإسلام من الجهاد ، إذ لا يصح أن نتحدث عن الجهاد حتى إذا ما أتى منافق وقال أن به إراقة دماء وكتم للحريات تتمتمنا ولم نعرف أن نرد ، وليس مرجع ذلك إلا لجهل المقاصد الشرعية من هذا التشريع السامي ، ولذلك قال الله عز وجل:"قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ" أي أن العلم لا بد أن يسبق الدعوة إلى الله وإلا فستتشوه صورة الإسلام.

إن سيطرة الغرب اليوم على المسلمين ولدت في نفوس الكثير من المسلمين شكوك حول صلاحية الدين الإسلامي للقيادة ، لأن الغرب يلقون عبء انحطاط المسلمين على الإسلام، وهذا ما يدعوا الكثير من المسلمين إلى الخجل من عرض الدين، خاصة وأن الإسلام اليوم شوهت صورته ودنس تاريخه وجهل الكثير من حملته تشريعاته ، أضف إلى ذلك وسائل الإعلام وما تذيعه من حرب على الإسلام في تشريعاته، خاصة إذا كان الموضوع يتعلق بشعائر معينة كالجهاد في سبيل الله أو حد الردة والزنى والسرقة ، إذ أن الغرب اليوم يحاولون لوي أعناق المسلمين بان دينهم دين سيف لا يعرف الرحمة، وأنه دين فوضى لا يعرف الكلمة ، وقس على ذلك بقية التشريعات الإسلامية التي شوهها الغرب في نظر المسلمين، لعلمهم أنها تشريعات جائت لكي يكون الدين كله لله ، وهذا بعينه ما يخالف هواهم ، فما كان منهم إلا استعمال هذا الاسلوب الخسيس، وما كان من غوغائية المسلمين إلا التصفيق لهم، أو القول أن الدين محصور على الجانب العبادي فقط دون غيره من الجوانب الأخرى، او الخجل من عرض الإسلام، أو عرضه وكأنه مجرم وضع في قفص اتهام يحتاج من يذب عنه ولكن لا جدوى لأنه مجرم..!

إن هناك قسم آخر من المسلمين لم يصبهم هذا المرض، فهم يعتزون بتشريعهم الإسلامي كل الاعتزاز إلا أنهم يفتقرون لأمور، اما أنهم يجهلون مقاصد الإسلام وحكمه، ولا حل لذلك إلى بسلك سبيل العلم والتدبر في آيات القرآن الكريم، واما أنهم يجهلون كيفية عرض الإسلام، وهم على ذلك مذاهب، فمنهم من يعرض الإسلام وكأنه دين انزل للرد على شبه الغير فقط، ولا أعني بذلك ألا يرد على الشبه، إنما ما أعني توصيله هو أن الرد على الشبه يجب ألا يكون على حساب عرض الدين الإسلامي وبيان حكمه،لأن هذا هو الأصل، والدين الإسلامي اليوم بحاجة لمن يوضح صورته وليس من يرد على الشبه الموجهة ضده، ونحن إن توصلنا لإقناع الناس أن هذا الدين من عند الله فلسنا بحاجة عندها للرد على الشبه ولن نحجهم إلا بأن هذا الدين من عند الله، وهناك قسم آخر من المسلمين أراد إظهار سماحة الإسلام عبر وسيلة خاطأة وهي جعل الدين الإسلامي دين التنازلات الذي يساير الناس كيفما ساروا حتى أن بعضهم صار يلغي بعض التشريعات ضمنيا كالجهاد في سبيل الله حتى يبين أن الإسلام دين السماحة ، وهناك قسم اتخذ وسيلة مضادة لما ذكرناه، وهي جعل الدين الإسلامي دين الجمود الذي لا يراعي الزمان والمكان، مع وجود هوس التحريم الفقهي بجمود وتعصب لمسائل هي في حقيقتها مسائل خلافية لا إنكار فيها، وهو بهذه الصورة يعرض الإسلام بصورة معينة يلزم فيها الغير بأنك لن تكون مسلما إلا بذلك، وهناك قسم جعل الإسلام دين الرهبانية الذي لا يعرف الفسحة، مع العلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ليعلم يهود أن في ديننا فسحة وأني بعثت بالحنفية السمحة" وهذا ما يستنبط منه ضرورة تحسين صورة الإسلام في نظر غير المسلمين، ولا يعني كل ذلك أن نتنازل عن تشريعات ديننا، إنما أن نعرف كيف نخاطب الناس على قدر عقولهم وأن نعرف أن لكل مقام مقال وأن لكل حادث حديث، وأن نعرضه ونبين سماحته و حكمه الخفية لإقناع الغير بأن ديننا هو الحق وأن ما عداه باطل وأنه دين الوسطية الصالح لكل زمان ومكان، "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"، ولم يكذب أحد المستشرقين عندما قال:"إن الإسلام دين لا يفهمه أصحابه".


وفقكم الله لنصرة دينه :)

هناك 12 تعليقًا:

Engineer A يقول...

السلام محامينا

مرحباً بعودتك مجدداً :)

موضوع دسم كالعادة ، بس حبيت أوضح نقطة بالنسبة لدينا الإسلامي فهو دين حق لا شك في ذلك أبداً.

ما يؤسفني حقاً بأني أرى الكثير من الغرب "يتعاملون بأخلاقيات الدين الإسلامي" دون معرفة بذلك فأخلاقهم أخلاق اللإسلام وهم لادين لهم!

لا أعني بذلك اخلاقياتهم السيئة ولكن هناك الكثير من الأمثلة التي استطيع اعطاءها اياك لتوضيح وجهة نظري ..

مثلاً نجدهم في الغرب يحترمون الغير سواء في الشارع او في الوقوف في الطابور او عندما يتحدث أحدهم نجدهم يصغون باحترام ..

يعطفون على الحيوان .. يراعون الناس ذوي الاحتياجات الخاصة .. وغيرها من الأمور الايجابية ..

في حين للأسف نجد المسلم أصبح يتسلخ من دينه ويقلد الغرب في الأمور السيئة ويبتعد عن اخلاقيات المسلم في سلوكياته على الرغم من أن دينا الاسلامي العظيم يحث على التعامل الطيب والسلوكيات السليمة والأمور الرائعة الحكيمة ..

وياريت والله كل المسلمين يفهمون الدين "صح" بعيد عن التعصب وبعيد عن الاعتقاد الخاطئ بأن دينا يحث على الرجعية والارهاب !!

يعطيك العافية على هالمقال الرائع

Nikon 8 يقول...

ما شاء الله عليك على هذه المواضيع الدسمة والمفيدة
الله يوفقك :)

المحامي يقول...

وعليكم السلام .. ألف هلا بالمهندسه :)

والكلام الي تفضلتي بذكره هو عين الواقع وللأسف .. أحد أهل اليابان أسلم ثم ذهب للحج بعد ذلك فقال:"الحمد لله أني أسلمت قبل أن أرى المسلمين" لأنه لو رآهم قبل أن يسلم لما أسلم

دول شرق آسيا الكثير منها أسلم بسبب أمانة وأخلاق التجار المسلمين في الماضي .. ((حسافه على هالزمن))

شكرا جزيلا على إضافتج الرائعة

المحامي يقول...

nikon8

أشكرج على مرورج ، وعسى الله يوفقج بعد :)

نبضُ الأدب يقول...

صدقتَ أخي .. مقالٌ شمل الأنواعَ بتعددها

الدعوة مسئولية .. لا يقدر عليها أي شخص ما لم يكن متسلحًا بقدر كافٍ من العلم و الدراية التامة الشاملة لكافة التشريعات و الأحكام !

و هناك نقطة مهمة .. !
إن تسلح ذلك الداعية بالعلم الكافي .. فينبغي عليه عدم إغفال الأسلوب اللبق الحسن في الدعوة .. حتى و إن كان ينهى عن محرم .. لا ينبغي له الغلظة في التعامل .. فهو يريد أن يجذب .. لا أن يُـنـَفر !

" ادعُ إلى سَبيل ربكَ بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن "

وفقكم الله و نفع بكم الإسلام و المسلمين ..
شكرًا لكم ..

المحامي يقول...

الأخت نبض الأدب..

فعلا الأسلوب الحسن عنصر أساسي لإمكانية وصول الحق ، وآيات القرآن الكريم أكدت هذا المعنى مرارا وتكرارا كالآية التي تفضلتي بذكرها وكذلك آية :"ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضوا من حولك " وغيرها كثير

نشكر لكم مروركم

Catism القطويّة يقول...

بوركت كلماتك.
بالفعل نجد أن كثيرا من المسليمن لغتهم "اعتذارية" وتبريرية تجاه أحكام الدين ويعانون من عقدة ذنب مستفحلة.
لكن علينا ألا نغفل أمرا وهو أننا بحاجة إلى أن نرد على الشبهات بطريقة يفهمها من لديه شبهة، وليس بطريقة نفهمها نحن. فقد نقتنع نحن بأمر كوننا مسلمين، لكن الشبهة الموجودة لدي الغربي مثلا لها طريقة معينة في الرد عليها، وهذا أمر واجب البحث فيه والعمل.

وجزاك الله خيرا على الطرح القيّم. :)

المحامي يقول...

بارك الله فيج .. ونشكر لكم الإطراء

"عقدة ذنب مستفحلة"--> تعبير موفق عن حالة التبرير

وبالنسبة لطريقة الإقناع مع غير المسلمين ، أتصور أن أفضل أسلوب هنا هو استخدام علم الفلسفة في الإقناع ، لأن أحكام العقل الصحيحة لا يمكن أن تتعارض مع أحكام الدين ، أما الاكتفاء بسرد النصوص الشرعية مع غير المسلمين فقد لا يكفي ويصعب إقناعهم من خلاله لأنهم أصلا لا يؤمنون فيه ، فلو أردنا -مثلا- مناقشة ملحد فإن الأحكام العقلية هي المستند في الحوار

تحياتي :)

إيلاف يقول...

مشكلة الإسلام الحقيقية تكمن في أفراده الذين يقتطعون أجزاءً منه ويتشبثون بها , دون أن يأخذوه ككُلٍ متكامل لا يقبل التجزئَة أو التبعيض !

الموضوع يثير الكثير من الشجون في النفس ,
فمابين الدعاة المغالين , والدعاة المفرطين
تضيع الأمة وتُشتت , ناهيكَ عن الدعاةِ مدفوعيّ الأجر !

.
.

نحن بحاجة لغرس النظرة الشمولية للإسلام في عقول معتنقيه , والدعوة للتمسك به كما أنزل صافياً نقياً في عصر النبوّة ,
وللأسف , نجد دعاة الوسطية والساعين لإعلاء الإسلام الحق , مهاجَمين من قبل المغالين , ومكروهين من قِبَل المفرطين !

وبجانبٍ آخر , نجد النشءَ بعيدينَ كل البعدِ عن الإعتزاز بالإسلام , ولا يرون سوى صوراً مشوّهةً ممسوخة في تصرفات الكبار , أو إعلام الغرب ..

.
.

الموضوع أحزنني ,, حين أهاج في صدري هذه الشجون
ولكنه أسعدني بطريقة طرحه , وحاجتنا لأفكاره

بوركت

المحامي يقول...

الاستاذة المحترمة إيلاف..

الأخذ بجزء من الدين سياسة قديمة هدمت الأديان ، ولذلك تم التصدي لها بقوله تعالى:"أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض..."

ثم إن هناك مشكلة وهي أن الدعاة فقدوا معاني القدوة ، والذي زاد الطين بلة هم الدعاة مدفوعي الأجر -كما تفضلتي- ، والنشء باتوا ضحيات لمجتمعاتهم

نشكر لكم إضافاتكم النافعة .. والحرقة التي تستشعرينها مؤشر حسن

بالتوفيق

يوأيوب الشطي يقول...

قلت / ما أحوجنا إلي كلامك القيم أيها المحامي في هذه الأيام فقد باتت صورة الإسلام مشوهة وهو محتاج إلي عرضه وتبسيطه للناس بشكل جميل مبدع ومبتكر بعيدا عن الزيف والترهات والخرافات ولقد كانت هذه مشكلة عويصة منذ القدم وقد تطرق إلي هذا الموضوع وصرخ ونادي في علماء المسلمين منذ العشرينات من هذا القرن الشيخ الفاضل العلم الكبير / علي الطنطاوي ولكن ما من مجيب إلي ألف هو بنفسه عن الاسلام في كتابه المبدع المبتكر (( تعريف عام بدين الإسلام )) أنصحك بقرائته فهو فريد من نوعه حقا وفي مقدمته يذكر قصته في تأليف الكتاب ومنادات علماء المسلمين ودعوتهم لتأيف كتاب من هذا النوع وذهاب جهوده مع الرياح والسلام عليكم .

المحامي يقول...

أهلا بالشيخ بوايوب الشطي .. "يتو ما نورت المدونة"

وإن شاء الله سأجعل كتاب الطنطاوي المسمى"تعريف عام بدين الإسلام" في أجندة القراءة .. وسأوافيك لاحقا برأيي فيه .. وكثيرا ما استفدنا من نصائحكم حول الكتب

نشكر لكم هذا المرور الذي أسعدنا :)